هُنا نتحدثُ
عن حُلم...
حُلماً
لبناء بيت،
لكن ما هو
البيت؟
هل كان
السيد بيسواس يحلم ببناء بيت، أم حياة؟
أن تجعل
شخصًا عاديًا حُلمه في الحياة امتلاكُ بيتّ
بطل.
هذا ما
يجعلُ الكتاب من وجه نظري مميز ..
أن تحكي
قصةً عادية لرجلاً عادي، لتُبين كيف أن الأشخاص العاديين في حياتهم الطبيعية أيضًا
أبطال،
هذا إقرار
أننا جميعنا أبطال، أننا على الرُغمِ من صغر أحلامنا، وبساطة حياتنا
أبطال.
رجلاً في
الثالثة والثلاثين من العُمر وهو أبًا لأربعة أطفال
ينظُر إلى
نفسهِ على أنه رجلاً فاشل، لم تُعطهِ الدنيا شيئًا ولم يُحارب هو للحصولِ على شيء،
أجبرتهُ
الظروف على كل شيء،
الانتقال،
بيعُ البيت، اللجوء إلى تارا، الذهابُ للتعليم،
ثم
التوقف عنهُ، البِدء في تدريبه ليكون كاهنًا عند الكاهن جيرام،
والخروج من
عنده بعد فِعلته التي لن ينساها جيرام أبدًا.
كان الشيء
الوحيد الذي أرادهُ السيد بيسواس هو اللجوء... البيت!
رجلاً عاش
طيلة حياتهُ في تنقُل...
لم يعرف
السكون ولا السكينة، رجلاً عاش حياة أقل ما يُقال عنها إنها عادية بل عبثية، حياة
أُجبر فيها على الحياة، العمل، المضي قُدمًا ، والزواج.
حتى زواجهُ
كان مُجبرًا عليه ، لم يختر أن يأتي إلى الدنيا، لم يختر أن يكون ملعونًا، لم يختر
أن يحيا هذه الحياة، كما أنه لم يختر أن يتزوج شاما... أو أن يُنجب أربعة أطفال.
كيف ان ف.
س. نايبول
حكى قصة
الرجل " أباه " العبثية بتلك الطريقة العبثية، ليجعل من هذا الرجل
العادي، الذي كان من مفهومه الشخصي للنجاح - وربما من مفهومنا جميعًا
- "فاشل"
ليجعل مِنه
في نهاية القصة بطل.
هذا ما جعل
الكتاب مُميزًا، وجعل صاحبهُ يحصدُ جائزة نوبل من رأيي.
في النهاية
الأبطال الخارقين في القصص والأساطير فقط،
أما في
الحياة الواقعية جميعنا عاديين، جميعنا أحلامنا صغيرة، كبيرة علينا
وطريقنا
للوصول إليها ليس سهلاً... مليء بالصعاب.
بعد قرائتي
للرواية أصبحتُ بطريقة ما أرى كل الآباء أبطال،
بل في
الحقيقة أصبحتُ انظُر إلى كل المارين أمامي في الطريق على أنهم أبطال.
الكل له
حُلم...
الكل
له الحق في الحُلم
أتذكر مقولة
"أرى. جيه. بالاسيو" في كتابها الأعجوبة
"كلُ
إنسان يجب أن يَحظى بتحية وقوف على الأقل مرة في حياته، لأننا جميعاً ننتصرُ على
العالم."
وهذا ما
فعله ف. س. مانويل مع السيد بيسواس لقد جعله ينتصرُ على العالم.
حتى وإن
كانت نهايةً صامتة، بلا معارك مسجلة في التاريخ، طريحًا على فراشه، مريضًا في بيته
الذي طالما حلم به.
إلا أنه في
النهاية نجح...
نجح في
إعلان نصيبه من العالم
نجح في
تكوين أُسرة، ربما ليست سعيدة، لكنها أُسرة
نحج في شراء
بيته
"بيته
الخاص" الذي مات فيه بعيداً عن التوليسيين
نجح في أن
يكون أبًا لأربعة أبناء وإن لم يختر أن يكون أبًا لهم.
قيل عن هذا
الكِتاب، أنه سيرة ذاتيه يحكي فيها نايبول عن أبوه "سوراجبراساد"
في الحقيقة
لا أعلمُ ولا أحد يعلم إن كان هذا الكلام صحيحًا أم لا
لكنني أريد
أن أصدق.
أريد أن
أصدق لأني أريد أن انظُر له على أنه بطل لرواية عالمية، حاصل صاحبها على جائزة
نوبل،
لأن هذا ما
يمكن أن نُعوض به الرجل.
وليس هذا الرجل فقط، بل كل الرجَال والنِساء الذين قاسوا من ويلات الاستِعمار والتهجير والتغريب.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق