قصاصات أوراق متناثرة من أفكاري ،مساحة لأتأمل، أكتب، وأطرح أسئلة قد لا أجد لها إجابة.

آخر المواضيع

10‏/10‏/2022

رسالة.

صديقتي

أريد أن أبكي... لا أعلم السبب، ربما لا يوجد سبب.

لكني ما زلت أريد أن أبكى.

صديقتي... أنا أشعر بالفشل والضياع والتوتر، أخشى الماضي وأقلق على المستقبل.

أشعر أني عديمة القيمة، أرى الكل حولي يأخذون خطوات جدية لمستقبلهم، وأنا أغرق في الضياع، لا أعلم ماذا يجب أن أفعل أو ماذا أريد حقا أن أفعل.

قد جاء للراعي حلم يخبره بأسطورته الشخصية، لكني توقفت عن الحلم منذ فترة بعيدة، أنا لا أعلم ما هي أسطورتي... فأنا لا أحلم.

صديقتي... أشكو لكي وأنا أعلم أنك تعانين مثلما أعاني، لكني لا أرى أي ضوء من هذا النفق، قد وعدتنا اسبستون أن تهدينا الحياة أضواء في آخر النفق، وأخبرتنا ألا نستسلم لو سرقت منا الأيام قلبا معطاء بسام ، لكني لا أرى أي ضوء كما أني على بعد خطوة من الاستسلام.

هل أنا فقط متعلقة بحلم طفولة واهٍ؟

نقش على قبر بوكوفسكي عبارة واحدة "لا تحاول!" هل يجب أن نتوقف عن المحاولة ونحن مازلنا في بداية العشرين؟

صديقتي، هل الخوف الذي ينتابني كل بضعة أيام هذا مبرر حتى؟ هل على النوم فقط وكل شيء سيصير على مايرام؟

البداية من جديد صعبة، والاستمرار في هذا الطريق الخطأ أصعب، حتى المكوث دون فعل أي شيء أصعب بكثير.

صديقتي القلق ينهشني كأن لم يكن له فريسة غيري.

أحسد نفسي الصغيرة صاحبة السادسة عشرة عاما، فقبل حوالي خمس سنوات أدركت الصغيرة أن العمر قصير، وان لها هدف وان عليها استغلال حياتها لعمل شيء ما... أي شيء.

وقد فعلت فعلا، كانت تجري، تتعلم، تلعب، كانت شابه يافعة، مليئة بالأمل والطاقة... وأنا أنظر لها الآن بكل فخر.

لكني لست في السادسة عشرة الآن، أنا في الواحد والعشرين من عمري، ومن المفترض أنى على مشارف النضج الذي لا أعلم عنه شيء للأسف.

أتمنى لو أنى وجدت ذلك الشيء الذي كنت أبحث عنه، ليس لدى طاقة للبحث من جديد، ولا أعلم أكان البحث منذ البداية كان ذا فائدة أم أنه كان سعى بلا هدف، هل كنت أتخبط فقط في الطرقات مدعية أنى اعلم ما افعل؟

بعد بضعه سنوات سيقع على ضغط جديد، ضغط من نوع آخر، ذلك النوع الذي طالما هربت منه وما زلت أريد الهرب منه، ضغط متمثل في "هو ما فيش حد؟" لم يكن هناك أحد من قبل أبداً، ولا أريد أن يكون- على الأقل الآن- حتى أعرف نفسي واحفظها وأكون وعى ذاتيا عن نفسي.

ماذا تريد، ماذا تحب، كيف تفضل الأمور، إلى أين تريد أن تصل؟

صديقتي... لا أريد مواجهة هذه الحرب، لا أريد الوقوع تحت هذا الضغط، أريد الهرب.

هل تعلمي سفينة هجرة غير شرعية قريبة من مدينة نصر تقبل بسفر الفتيات دون أن أتعرض للاغتصاب أو القتل على متن السفينة؟

أعوامي الواحد والعشرين... انظر لها بحسرة كأنها الواحد والستون!

هل حقا يطمح الناس للعيش كل هذا العمر، أنا لم أخطط حتى ماذا أفعل بعد الخامسة والعشرين، ولا أريد تخيل وصولي لما بعد هذا العمر.

ثم نبدأ دوامة جديدة في البحث عن الذات والعمل والطموح والأحلام الضائعة، قليلون هم من يحققون أحلامهم في هذه الحياة.

هل الباقي يحققها في الجنة يا ترى بعد انقضاء فترة عذابهم في النار، أم أن جحيم الدنيا سيكون كافيا بالنسبة لهم وسيدخلون الجنة مباشرا؟

ماذا سوف أفعل برف الكتب؟ والورود المجففة؟ قائمة الامنيات؟ صندوق الأحلام والأشياء التي أريد تحقيقها؟

هل أموت قبل لن أحقق حتى 50 % منها؟

إذ كنت لن أحققها على أي حال لما لا أموت في الواحد والعشرين، ما فائدة الانتظار للواحد والستين؟

تبدو رسالتي كأنها اعتراف بالانتحار ، وهذا مشين للقب فراشة التفاؤل الخاص بي، لكني لم أكتب هذه الرسالة لأقلقك علي، لا تَخَافِ.

لن أكتب رسالة قبل انتحاري على أي حال، هذا غباء.

إذا كان لدى طاقة أو وقت لكاتبة رسالة قبل الموت، فلما سآخذ هذا القرار؟ سأمسك القلم بدل المشرط.

ليس هذا موضوعنا على أي حال.

اوبس... يبدو أنى نسيت ما هو موضوعنا من الأساس!

هل تساءلت يوما عما كان يدور في عقل المنتحرين قبل اتخاذهم هذه الخطوة، أنا تساءلت كثيرا.

بالأمس رأيت الغروب، شكل الشمس الحمراء، السماء والسحاب... يا إلهي لا أسطيع أن أصف لكي كيف أسر قلبي هذا المنظر من شباك الميكروباص المتجه بي إلى مدينة العبور لحضور عزاء والد صديقتي.

هل أنا صديقة سيئة لاستمتاعي بوقت الغروب على الرغم من موت والد صديقتي المقربة؟

ربما... بالتأكيد أنا سيئة.

اعتقد أنى إذا كلما فكرت بالانتحار تذكرت هذا المنظر سأتراجع فورا عن هذا القرار واستمتع بوقت الغروب.

ترى هل رأى المنتحرون السابقون الغروب الأخير قبل موتهم؟

صديقتي، هل فكرت من قبل في ماذا سوف نفعل بعد التخرج؟

اضحك الآن بصوت عال...! نحن لا نفكر إلا في هذا.

كيف ستكون شكل حياتنا، ماذا سنفعل، كيف سيؤول بنا الأمر في النهاية؟

هل call center أم tell sales؟

أم هل نجد أنفسنا مثلما وجد الراعي نفسه حتى بعد الضياع في بلاد غريبة وبيع الأواني الزجاجية؟

هل يوجد كتالوج لهذه الحياة اللعينة التي تمتلك الغروب الأجمل على الإطلاق؟

صديقتي، هل نحن في نهاية النفق، أم مازلنا في المنتصف؟ هل نجد صاحب الظل الطويل كما وجدته جودي ابوت؟

لكني لا أريد أن أجد صاحب الظل الطويل، أريد أن أكون أنا صاحب الظل الطويل لي ولمن حولي.

صديقتي... هل أنا مزعجة؟

بالتأكيد... أفكاري مشوشة، لا أتحدث إطلاقا، أو لا أتوقف عن الحديث أنا لأكثر إزعاجا اعلم.

لكني أتمنى حقا ألا تقلقي على كثير، أنها فقط صرخة من الواحد والعشرين، أو ربما هي أزمة منتصف العمر قبل وقتها بأربع سنوات.

تذكرت قول بوكوفسكي "أكتب لا لأنقذ البشرية وإنما لأنقذ نفسي" اعتقد أنى اتخذ نفس النهج، فأنا بحاجة للكتابة، فعقلي قد فاض بهذه الأفكار المشوشة، والصور الباهتة.

أنا لا أكتب لكي لتواسيني، حتى أني لا أريد ردا منك، أنا أكتب لأني بحاجة للكتابة، وأرسل لأن رسائلي يجب أن تصل فهي متمردة، تأبى أن تظل في الأرشيف.

كان معك إذاعة عقلي المشوشة مكتوبة على ورق..

إلى اللقاء.

 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق